هو قصر أحمد باي جوهرة قسنطينة المعمارية ، يوثق حياة آخر حكام الشرق الجزائري في العهد العثماني ( 1518-1830 ) و الذي قاوم الإحتلال الفرنسي للبلاد ( 1830 – 1962 ) حيث أمر أحمد باي بن محمد الشريف مجموعة من أمهر المهندسين ببنائه ليكون مقرا لحكمه و كانت هندسته مزيج من الطراز الموريسكي ( نسبة إلى الموريسكيين الذين بقوا تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الأندلس عام 1492 ، حدائقه تقع بالداخل ) و الطراز المحلي المستمد من تصاميم العمارة بالمغرب و شمال إفريقيا .
شيد القصر عام 1825، و امتد بناؤه إلى سنة 1835 أي 10 سنوات من البناء ، أما أقدم بوابة في القصر الذي يقترب عمره من القرنين فمصنوعة من شجر الجوز و عمرها 400 سنة .
يحتوي القصر على 4 أجنحة هي :
جناح الحرم : و هو مكان مخصص لعائلة الباي المتكونة من 4 زوجات إضافة إلى إبنته الوحيدة و والدته .
جناح الحريم ( الجاريات ) و خادمات القصر .
الجناح الشتوي : و الذي كان الباي يسكنه رفقة عائلته في فصل الشتاء فقط ، لكون الشمس تشرق عليه إضافة إلى وجود حمام تحته كان يساهمم أيضا في تدفئته ، و يتحول هذا الجناح في الصيف إلى مكان يستقبل فيه الباي المقربين منه و بعض ضيوفه فقط .
الجناح الإداري : و هو أهم ما في القصر يحتوي على محكمتين ، الأولى مدنية يشرف عليها قاضيان يفصلان في القضايا من السبت إلى الخميس ، أما المسائل الكبرى فيحكم فيها الباي يوم الجمعة ، و المحكمة الثانية عسكرية توجد في الطابق العلوي
كان القصر و لا يزال شاهدا على رقاء فن العمارة العثماني تبلغ مساحة القصر 5600 متر مربع، موزعة كما يلي :
الطابق السفلي : 121 غرفة و500 باب ونافدة من خشب الارز المنقوش بمهارة والمزين بألوان حمراء وخضراء وصفراء، وحوالي 27 رواقا لتهوية القصر،و250 عمودا من الرخام تم استقدامها من مناطق متوسطية مختلفة ، والفناء الرئيسي وهو محاط بخمسة أقواس وكان يسمى دار أم النون (سكنته أم احمد باي ).
الطابق العلوي : يحتوي على سلم يؤدي إلى فناء محاط أيضا بأروقة ذات أقواس ويحتضن الفناء سلسلة من الشقق تحتوي على أثاث قديم ، فناء آخر مبلط بالرخام ومزين بأعمدة ، وغرف رحبة بجوارها حمام ذو هندسة مغاربية كان مخصصا للباي ولخدمة النساء .
أسفل القصر : كان يضم خزان مياه تعيش به أسماك صغيرة حمراء، و اسطبل تصل مساحة إلى 517 مترا مربعا .
و يضم ديوان الباي 15 نافذة، يمكن للباي أن يراقب عبرها كل ما يجري في قصره”.
أما “الزليج” (لوحة جبس أو رخام بها زخارف هندسية) المستعمل في عمارة القصر، فجاء من إيطاليا وإسبانيا وهولندا وتونس. كما يحتوي القصر على 4 مناطق مفتوحة، هي: حديقة البرتقال، وحديقة النخيل، والحوض، ووسط الدار. وكل فضاء يضم نافورة ماء بغية تغيير الهواء وتبريد القصر.
و قد كان الباي يُشغّل النافورة عندما يتحدث إلى أقرب الناس إليه، وهو النادل (خادمه) حتى لا يسمعه الضيوف ومن حوله”.
تزين جدران وسقوف بعض أجنحة القصر رسومات أصلية بخط اليد، غالبيتها لم تندثر، في حين أن أخرى -وهي قيد الترميم- تعكس بعض المدن التي زارها أحمد باي، من بينها المدينة المنورة ومكة بالسعودية.
إنتقل أحمد باي إلى القصر خريف عام 1835، و قد عاش بالقصر سنتين فقط حيث استولى عليه المستعمر الفرنسي بعد معركة قسنطينة الثانية سنة 1837 .
يحمل القصر حاليا اسم ” المتحف الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية ” و قد صدر قرار تأسيس المتحف في أكتوبر 2010 وقدرت أجال أشغال الترميم ما بين 10 إلى 12 شهرا على أيدي مهندسين معماريين متخصصين بإعادة التأهيل. بعد تأهيله أصبح القصر متحفا ومحلا لعرض المقتنيات التاريخية النادرة.